اهم المقالات

الحكومة الفلسطينية بين الوظيفية والنضالية


بكر أبوبكر
 ما هي مهام الحكومة الفلسطينية؟ وما المطلوب تحديدا منها كبرنامج عمل يختلف عن سابقتها؟ وفي ظل أزمة قاتمة متواصلة تهز النظام السياسي الفلسطيني،هل من المعول على حكومة فلسطينية جديدة أن تنتشل المواطن والقضية من المطبات الكثيرة التي وقعت فيها ؟ أم ان القضية تحولت من صراع مع النقيض الرئيس الى صراع على السلطة وصراع على المواقع لن يكون له الا الخسران في ظل حكومتين وسلطتين وقيادتين ادت ب"غرينبلات" أن يرد على صائب عريقات، وكأنه حامي حمى الوحدة الوطنية الفلسطينية في ملهاة العصر التي هو أبرز صناعها. الكثير من الأسئلة التي تدور في الذهن وتعرض لها من المحللين العديد حول ما سبق وغيره، وترى في الكثيرين نغمة الحزن او الاحباط او نفض اليد من الحل في ظل رأسين يتنازعان البلاد، وفي ظل مناهج مختلفة من التفكير بين تيارات ثلاثة هي اليمين الفلسطيني ممثلا بحماس، ويساره ممثلا بالتنظيمات الفلسطينية المؤتلفة ضمن التجمع الديمقراطي، وبين حركة فتح. في جلسة عصف ذهني لعدد من أعضاء المجلس الاستشاري لحركة فتح تحدثنا حول الحكومة والنظام السياسي ومكمن القرار، والفصل القائم بين السياسة وبين الامور الحياتية، وعن غزة حيث الغرق وعن الضفة حيث المطر. وللاخوة من الثراء الكثير مما يُحترم، ولهم من النظرة الايجابية ما تجلى في حسن التعامل مع الأمور ورغبة عارمة بتعديل المسار أو تصويب السياق، فكلنا في ذات المركب. أردت القول في مجمل الطروحات أن معرفتنا لمهمة الحكومة ومتطلبات عملها يستدعي الاهتمام أو لا يستدعيه. فمما يستدعي أو يجب أن يستدعي الاهتمام لدى القيادة السياسية، وتتمثل فعليا بقيادت الفصائل ومنظمة التحرير الفلسطينية، هو تحقيق امور ثلاثة رئيسة. الواجب أمام القيادة أولا هو إعادة بناء السمعة الفلسطينية في العالم عبر تحقيق الوحدة الوطنية، اما كيف ولماذا وما يمكن أن نسمعه من تبريرات تساق هنا وهناك فإنها لا تعطي الجواب الا إذا سادت عقلية المعسكرين الحادة، وهي أصيلة التنظيمات الفكرانية (الأيديولوجية) فما بالك حين تعكس حالها على تنظيم سياسي واقعي مثل حركة فتح فنتوه بين المناهج ونبقى أسرى الانقلاب والانشقاق الى ما شاء الله. كما أن القيادة السياسية ثانيا معنية بتجاوز العوائق الوطنية والعربية الاقليمية، وليس التشبث فقط بالمسارالسياسي والقانوني الاوربي والدولي فهو لوحده قابل للتفتتت ما كان ظهرنا متصدعا والأمة العربية والاسلامية هي ظهرنا، وقلبنا وحدة الشعب وفصائله المتصارعة بالحقيقة ليس على السياسة بل على غير ذلك. تجاوز القيادة للعوائق ما هو واجبها لتظل في مقعد القيادة ينطلق من القدرة على اتخاذ القرار وفهم المستجدات وطرح البدائل وبناء البرامج المتعلقة بمآل القضية الفلسطينية والصراع العربي الصهيوني (وليس الصراع الفلسطيني الاسرائيلي). اما ثالثا: فإن واجب التصدي للتناقض الرئيس وهو الاحتلال يلزم القيادة السياسية بإعادة ضبط ادوات الصراع وتجميعها باتجاه البديل أو البدائل المقترحة فإن كانت المقاومة الشعبية هي البديل الذي تجمع عليه كافة الفصائل في غزة والضفة والخارج فلم هذا التنافر إذن؟ ان تحقيق الوحدة الداخلية والاجماع على البرنامج السياسي المُجمع عليه فعليا والمتعلق بالمقاومة الشعبية وتحقيق استقلال دولة فلسطين القائمة بالحق الطبيعي والقانوني والتاريخي، وعودة اللاجئين لا تعفي أي من أعضاء القيادة أن يسعي لتحقي الأمرين معا، ولا فليترك المنصة لغيره فالشعب معطاء وفلسطين منجابة. لنقل أن تكريس عوامل الصمود والثبات ومقاومة المستعمرين الارهابيين في فلسطين وبناء مقومات الدولة قد تكون أبرز مهمات الحكومة في حقيقة الأمر أو لا تكون، لذا فإن التصارع على الحكومة قد يكون في سياق الدور االوظيفي الهام الذي لن يكون دورا نضاليا حقيقيا إذا نزعت منه حلقة الوحدة، وحلقة الممارسة النضالية. خلاصة القول هنا أن بازار الأسماء للحكومة لا قيمة له، والقيمة الحقيقية هي في السياسة والبرنامج والصراع والمآل ما يعول عليه في إحداث الفرق واستعادة السمعة والسير للامام.

ليست هناك تعليقات