اهم المقالات

المصالحة بحاجة لإرادة فلسطينية وليست مصرية


رأى محللون فلسطينيون، أن ملف المصالحة بين حركتي فتح وحماس بحاجة لإرادة وقرار فلسطيني ينجح الجهود المصرية التي تبذل من قبل جهاز المخابرات المصري في الآونة الأخيرة لمحاولة انجاز هذه القضية من خلال رؤية تعمل على حل العقبات التي تواجه تنفيذ الاتفاقيات السابقة وخاصةً اتفاق أكتوبر/ تشرين أول 2017.

وكان من المفترض أن يصل منذ نهاية الشهر الماضي وفد رفيع من جهاز المخابرات المصرية للأراضي الفلسطينية لمتابعة ملفي المصالحة والتهدئة، إلا أن الوفد لم يصل واعتذر أكثر من مرة عن الحضور لأسباب لم تتضح طبيعتها أو لم يفصح عنها من أي طرف كان.

وبينما يرجع بعض المحللين تأخير الزيارة أكثر من مرة لأسباب تتعلق بالوفد المصري ذاته، يعتقد البعض أن تأجيل الزيارة يحمل رسائل للفلسطينيين كعتاب على ما يجري من جدل إعلامي بين فتح وحماس واستباق كل طرف الزيارة بوضع شروط تتعلق بتنفيذ المصالحة.

ويرى طلال عوكل المحلل السياسي الفلسطيني، أن الجانب المصري ممتعض كثيرا من عدم جدوى الوساطة والحوارات، مبينا أن قرار انجاز هذا الملف يعود للفلسطينيين إن كان لديهم الاستعداد لتغيير جدي في الحسابات والمواقف، فيصبح دور الجانب المصري مساعد أو مشارك إيجابي، ولكن على المستوى الفلسطيني لا يوجد أي مؤشر على وجود تغيير يمكن أن يساعد في تحقيق هذا الملف، وأن الحسابات الحزبية والسياسية لا زالت قائمة لدى كافة الأطراف.

واعتبر أن تأجيل الزيارة أكثر من مرة ربما رسالة من الجانب المصري يؤكد فيه عدم رضاه عن المواقف والحسابات القائمة، وأنه لا يشعر بأن هناك أي جديد يمكن أن يدفعه للتحرك مجددا في هذا الملف، وأنهم غير راضين وربما محتجون على استمرار المواقف وينتابهم شعور بخيبة الأمل، ولذلك لا يفضلون إضافة جولة أخرى غير ذات قيمة.

وأشار إلى أن عدم خروج وفد من حماس للقاهرة كما كان متوقعا، قد يكون لعدم وجود شيء جديد يقدم للجانب المصري في قضية المصالحة، مشيرا إلى أن هناك مواقف إيجابية عند بعض الفصائل من المصالحة ولكن ذلك لا يحرك شيئا.

وحول جهود مصر محاولة ربط ملف المصالحة بالتهدئة، قال عوكل إن الوفد المصري منذ البداية يحاول معالجة القضيتين بشكل مترابط، مشيرا إلى أن فشل فترة معالجة قضية الانقسام فرضت فرضا أن يتم معالجة موضوع التهدئة بعيدا عن المصالحة، ولكن بعد المسيرة الطويلة من الأحداث وصفقة القرن ومخاطرها، عاد المصريون لإيجاد ربط بينهما، لأن التهدئة غير مستقرة والانقسام لا زال قائما، ولا بد من العودة لمسألة الربط حتى تنجح الجهود جميعها بشكل متوازٍ.

وأكد على أن المصريون جادون في محاولة انجاز ملف المصالحة، على عكس بعض التحليلات التي تشير إلى وجود أجندة خارجية تعطل مثل هذا الجهد. مبينا أن القرار الحاسم بيد الفلسطينيين، وأن الجانب المصري بحاجة لمؤشرات إيجابية من أجل القدوم للأراضي الفلسطينية.

وبشأن ما طرحه القيادي في حماس صلاح البردويل من مبادرة تتعلق بإنهاء الانقسام، رأى عوكل أن ما طرحه ليست سوى مجموعة من القيم الجميلة، وتأتي في إطار نظري دون الدخول في صلب القضية التي يمكن من خلالها إحداث تقدم في هذا الملف.

من جانبه رأى الصحفي والمحلل السياسي مصطفى الصواف، أن ملف المصالحة لن يحدث فيه أي اختراق دون أن تتغير الأجندة ويحدث هناك قناعة بأن الفترة الماضية كان فيها أخطاء كبيرة يجب تجاوزها، وأنه على أصحاب هذه الأخطاء التي تسببت بالانقسام تعديل هذه الأجندة بما يحقق مصالح الشعب.

واعتبر أن المصالحة بالطريقة التي يريدها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس من خلال الاعتراف بأوسلو وبالاحتلال، لن تحدث في ظل الأوضاع التي يعيشها الشعب الفلسطيني. مبينا أن المصالحة يمكن أن تتحقق فقط في حالة كانت على مبدأ الشراكة السياسية والتعاون، واللقاء دون شروط لوضع إستراتيجية متوافق عليها لمواجهة المرحلة القادمة، ودون ذلك ستبقى حبرا على ورق.

وبشأن تأجيل الوفد المصري زيارته أكثر من مرة وإمكانية وجود جهة تعرقل ذلك، قال الصواف، كان الأولى بالوفد أن يصل لجسر الهوة وطرح ما لديه، وسماع ما لدى الأطراف وتبادل الأفكار والنقاش حولها، أما عدم الحضور وتكرار ذلك يؤشر على ضعف المحاور أو المنسق المصري في ملف المصالحة.

وأضاف "هذا يطرح العديد من التساؤلات قد تكون متعلقة بالجانب المصري وليس فتح أو حماس". مشيرا إلى أن تأخير زيارة الوفد يثير الكثير من التساؤلات منها رفض مصر لمصالحة تحقق أولويات طرف على حساب آخر.

وحول مبادرة القيادي البردويل، أشار الصواف إلى أن هذه الرؤية طرحتها حركة حماس من قبل وتوافقت عليها الكثير من الفصائل، ولكنها لم تتوافق مع رؤية رئيس السلطة، وهو ما يعرقل إمكانية تحقيقها ونجاحها.

وعن تأجيل زيارة حماس للقاهرة وخارجها أكثر من مرة، قال الصواف "الجانب المصري لديه اعتبارات كثيرة بهذا الشأن، وهو يتعرض لضغوطات من أطراف إقليمية". مشيرا إلى أن حماس ترفض تحديد أجندتها من أي طرف آخر، ولذلك هناك استجابة مصرية لتلك الضغوط.

من ناحيته، قال الكاتب والمحلل السياسي مازن صافي، إن قضية المصالحة مطلب جماهيري فلسطيني دائم، وأن كل الجهود المصرية تصب في إنهاء الانقسام بلا رجعة وإنهاء الخلاف حول الملفات الحالية. مشيرا إلى أن ذلك يحتاج إلى نوايا حقيقية من كافة الأطراف بما يحقق ويساعد في حل هذه المعضلة التي تؤثر على كافة مناحي الحياة لدى الفلسطينيين وخاصةً في غزة.

وبين أن الجهود المصرية مراد بها أن تبدأ فيما انتهت إليه باتفاق 2017، خاصةً وأنه تم التوصل إليه بإجماع فلسطيني كامل، مشيرا إلى أن الوفد يريد تطبيق حقيقي لما تم الاتفاق عليه دون العودة لحوارات واتفاقيات سابقة مضى عليها سنوات.

ولفت إلى وجود حوار جدي وحراك داخل فتح وحماس، مشيرا إلى أن هناك لقاءات جدية وعميقة من أجل تفكيك الملفات وخاصةً فيما يتعلق بالعمل على الأرض خاصةً في الوزارات والنظام السياسي بغزة، وما يخص إجراء انتخابات عاملة وشاملة، باعتبار ذلك مدخل حقيقي لإنهاء الأزمة القائمة منذ أكثر من 12 عاما.

وأشار إلى أن الوفد المصري يسعى لحل الخلافات الموجودة وتمسك كل طرف بموقفه، من خلال إيجاد رؤية مشتركة للاتفاق على كافة القضايا بما يطمئن الجماهير الفلسطينية بأنه يمكن حاليا البدء بحياة جديدة بعيدا عن الانقسام، خاصةً وأن العالم بأكمله يطالب بإنهاء هذه الحالة التي باتت تؤثر على مجمل الحياة السياسية.

ونوه إلى أن الموقف المصري منذ البداية يريد ربط قضية التهدئة بالمصالحة، وأن يكون هناك للسلطة وجود قوي، مشيرا إلى أن تأجيل زيارة الوفد المصري مرتبطة بالجهود المبذولة في ملف المصالحة لمنع فصل الملفين عن بعضهما البعض رغم محاولات الاحتلال الضغط باتجاه استدامة هذا الانقسام وتعميق الخلافات.

وقال "يريد المصريون ربط كل القضايا في قالب وحدوي بين حماس وفتح والفصائل، لأن استقرار الحالة السياسية تخدم أهداف مختلفة، ومنها ملف التهدئة، وعدم إتاحة الفرصة للاحتلال لشن عدوان على غزة، أو الضغط على السلطة الفلسطينية بالضفة، ولذلك مصر تعمل بشكل متوازٍ لحل كافة الملفات، وعدم السماح لفصيل بالتفرد بقضية معينة، ولذلك هو يعمل من أجل أن تكون زيارته شمولية، ويمكن الخروج بها بمبادرة أو حالة جديدة تربط إنهاء الانقسام، باستقرار الوضع الأمني مع الاحتلال، وبما يمكن البدء من إقامة مشاريع تنموية وفكفكة أزمات اقتصادية تعاني منها السلطة".

ليست هناك تعليقات