العاملين بجامعة الأزهر...نقابة ام ماذا؟
ماجد هديب
مع انطلاقة ثورة الفاتح من يناير عام 1965 فان الأنظار كانت قد اتجهت في حينه نحو بناء النقابات الشعبية الفلسطينية لتصبح قاعدة من قواعد هذه الثورة من اجل المقاومة والتحرر ،وقد التزمت هذه النقابات ومنذ تشكيلها بالميثاق الوطني الفلسطيني ضمن استراتيجية موحدة لتحرير فلسطين والمشاركة أيضا في المؤتمرات الدولية بتشجيع وتنسيق من قيادة الثورة نفسها، حيث أسهمت هذه النقابات في توعية الفلسطينيين بشؤون قضيتهم، وكانت أيضا بمثابة العمود الفقري لمنظمة التحرير والجسم الصلب في حماية قرارها ووجودها ،الا انه ومع اتفاقية أوسلو وبناء السلطة الوطنية الفلسطينية وفقا لتلك الاتفاقية ،فان منظمات نقابية قد تلاشت او اندمجت بأخرى ،في حين تم انشاء منظمات أخرى وفقا لطبيعة الظروف والمرحلة ،ومنها مرحلة الانتقال من الثورة الى الدولة ،فهل ساهمت هذه النقابات بحماية هذه السلطة وأصبحت بمثابة الجسم الصلب لحمايتها من اية مؤثرات او عدوان كما كانت تلك النقابات قد ساهمت في حماية الثورة في بدايات انطلاقتها وقبل العودة الى ارض الوطن؟ ، ام ان هذه النقابات أصبحت عبئا ثقيلا على السلطة، بل واداة أيضا لإضعافها من خلال استغلالها للديمقراطية الممنوحة لها، فهل يمكن القول مثلا بأن أفعال هذه النقابة واقوال تلك ،ودعوات كل منها قد اصبحت بمثابة العمل الماجور قصد التخريب والاستهداف لمصلحة دول او اشخاص يبحثون عن وجود او نفوذ ؟.
مع انطلاقة الثورة الفلسطينية وانشاء المنظمات والاتحادات الشعبية فانه لم يكن لدى المنتسبين اليها اي طموح لمنصب او جاه ،بل ان الكثير ممن انتسبوا اليها كانوا يتهربون من تبوء قيادتها لما لهذا المنصب من استحقاقات ،ومن ذلك التسابق على بذل التضحية والفداء ،وإلغاء الانا ،والانصهار في بوتقة الجماعة من اجل فلسطين ،اما الان، وفي ظل الديمقراطية الزائفة بعناوينها المختلفة فقد بات اغلبية من ينتمي لتلك الاتحادات والنقابات يتسابقون من اجل تقدم الصفوف وتبوء المقاعد القيادية فيها من اجل تحقيق اهداف لا مكان للوطن فيها ،فمنها الشخصية ،ومنها تنفيذا لأجندات حزبية ،او تمرير سياسة دول ما زال يحمل رئيس هذه النقابة او تلك جنسيتها وذلك لاستغلال هذا النقيب او ذاك الحصانة النقابية الممنوحة له وهي الضمانات والمزايا التي تتمتع بها فئات معينه لحمايتها وتامين أداء وظيفتها بحريه ودون عوائق ،حيث ان الحصانة لم تعد مقررة للوظيفة ،وانما أصبحت ميزه شخصية ، ولعل ما قامت به نقابة الأطباء قبل أسابيع وما تقوم به ا نقابة العاملين بجامعة الازهر الان ،وما يصدر عنها من بيانات وتصريحات لا يخرج عن تلك الغايات خاصة وان كل ما صدر عنها لا يتوافق مع أسباب قيامها ،فهل مطالبة نقابة الأطباء بإخلاء مرافق وزارة الصحة من منتسبيها ،مع التوقف الكامل عن تقديم العلاج للمرضى واغلاق المراكز الصحية قبل وصول هذه النقابة الى اتفاق مع وزارة الصحة وانهاء المشكلة وما تقوم به الان نقابة العاملين بجامعة الازهر أيضا من اغلاق للجامعة هي في اطار العمل النقابي من اجل المواطن والوطن وحماية مؤسساته ،ام من اجل ماذا ؟.
على كافة النقابات المهنية والشعبية ان تعلم بان الحصانة النقابية تعني وضع ضمانات لحماية القادة النقابيين وأعضاء هذه النقابة من بطش صاحب العمل أو السلطة الإدارية تمكينا لهم من أداء دورهم في الدفاع عن مصالح زملائهم بعيدا عن أي ضغوط أو عوائق, مثل حمايتهم ضد الوقف ،والنقل والندب ،والفصل ،او الاعتداء على حقهم بالانتخاب والترشح ،او الاعتداء على حقوقهم المالية ،وليس من اجل حمايتهم من إجراءات قانونية كالحق بالاستدعاء، او الجلب ،او الاعتقال على خلفية شكوى، او ارتكاب جناية أيا كانت, أو جنحه مخلة بالشرف ،أو الأمانة ،أو الآداب العامة داخل أو خارج العمل، ام ان النقابة اصبحث فوق القانون ،ولا سيادة على النقابة الا مصلحة المنتسب اليها ووفقا لإجراءات وفعاليات هذا النقيب او ذاك وما تمليه أيضا مصلحة مصلحة كل منهما مع الداعم والمساند لهما في تنفيذ ما بينهما من مصالح شخصية مشتركة كما يجري الان من تقاسم للأدوار ما بين نقابة ما يسمى العاملين بجامعة الازهر وأجهزة امن حماس لتحقيق ما تطلعوا اليه من حيث اضعاف الدور الاكاديمي لجامعة الازهر فيها لما تشكله هذه الجامعة من ابعاد وطتية.
.ان ما تقوم به نقابة العاملين الان من أفعال وبيانات وتصريحات تخرج عن الحقوق التي كفلها القانون لهذه النقابة، وهي تخرج أيضا عن الدور المرسوم لها واهداف انشائها ايضا، وان ما صدر عن هذه النقابة من دعوات هي بمثابة الإعلان الرسمي لتجاوز هذا الدور المرسوم لها واعتبار ما تقوم به هي المقدمات المشروعة للصدام والفلتان ،فهل يجوز لنقابة العاملين اغلاق جامعة الازهر بالقوة؟!.
ان ما صدر من إعادة تكليف لرئيس الجامعة هو اجراء اداري اتفقنا معه او اختلفنا، ولكنه بجب الاتفاق أيضا على انه اجراء لا يتناقض أيضا مع حقوق نقابة العاملين ولا المساس بحصانتها، فالحصانة شيء والاعتداء شيء اخر، خاصة وان مدير الجامعة المكلف لم يقدم مثلا بحل نقابة العاملين او المساس بأعضائها، ولم يتدخل أيضا في الصلاحيات الموكولة لها، كما انه لم يتحرز على أي من نشاطات هذه النقابة كجزاء تأديبي او غير ذلك.
على منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية إعادة النظر في قانون الجمعيات والنقابات وشروط التراخيص اللازمة بما يقيدها بالعمل للمصلحة العامة وذلك منعا للانزلاق نحو الفلتان الأمني المنظم التي تقوم به بعض النقابات تنفيذا لأجندات لا تتوافق مع مشروعنا الوطني ،ولا حتى الاسهام أيضا في تدعيم معالم دولتنا الفلسطينية وفقا لهذا الوضع المشوه القائم على خلط مريح بين النقابي والسياسي ،أو إخفاء السياسي في النقابي الذي بات يتحكم ليس في العملية السياسية ويشوه عملية الانتقال من الثورة الى الدولة فقط ،بل بات يتحكم في المجتمعيين المدني والسياسي ،وفي الملف الأمني ايضا .
ان نجاح نقابة العاملين بإغلاق جامعة الازهر بالقوة في ظل ما تعانيه هذه الجامعة من أزمات وخاصة وهي في ظل فترة امتحانات الفصل الصيفي ،وفي ظل بداية عام دراسي جديد سيدفع هذه النقابة بإغلاق الجامعة مجددا من اجل الضغط على الحكومة والرئاسة بتعيين من يرغبون به عضوا في مجلس أمناء الجامعة ،وهذا أيضا ما يقود هذه النقابة وغيرها الى التغول على السلطة الوطنية من أجل الاستيلاء على المزيد من النفوذ السياسي ،فهذه فاتحة لتغول نرى بدايته ،ولكن لا يمكن توقع نهاياته ،ولذلك لا بد من القول في نهاية هذا المقال انه لا نهاية للبلطجة النقابية إلا بإرجاع النقابة إلى دورها المدني والوقوف إلى جانب السلطة في مسيرة بناء الدولة الفلسطينية المستقرة ذات السيادة ،فحينها يمكن القول بان النقابات ومنها نقابة العاملين بجامعة الازهر هي نقابات حامية للمشروع الوطني والمساندة للسلطة باتجاه بناء الدولة ومنها المؤسسات التعليمية ،وليس باتجاه نحو تنفيذ عمل ماجور لحساب اشخاص يبحثون عن وجود هنا ونفوذ هناك .
ليست هناك تعليقات