اهم المقالات

احذروا الدولار المجمد مصطلح جديد للنصب والاحتيال




شدّه اعلان ممول على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" بوجود "دولار مجمد" يُباع بنصف سعر الدولار الحقيقي، وهو ما دفعه للبحث سريعا عن ماهية "الدولار المجمد" بعد أن سيطرت عليه "الرغبة في الكسب السريع".


المواطن فادي كساب وقع ضحية لهذا الإعلان ليفقد 5 آلاف دولار من أمواله في عملية نصب واحتيال، أفقدته جميع ما يمتلك من مال.


ومع حرب الخليج الثانية فقدت البنوك مخزونات من العملة الصعبة نتيجة عمليات النهب والسرقة


وحاولت هذه البنوك استعادة الأموال عبر الرقم التسلسلي وهو ما منع تداولها مع البنوك مرة أخرى لأنها مسروقة وأصبحت تتداول في السوق السوداء.


وبعد هذه الواقعة، استخدم مصطلح "الدولار المجمد" لعمليات نصب واحتيال منتصف التسعينيات وأعيد استخدامها مجددا بعد الثورة الليبية عام 2011 وتنتشر في الوقت الحالي كتجديد لطريقة النصب.


  إحدى طرق النصب


وفي تفاصيل عملية النصب التي تعرض لها كساب، قال: "الإعلان دفعني للبحث عن الدولار المجمد ورغم عدم قناعتي الكاملة بالمتاجرة به، إلا أن المنشورات على صفحة الفيس بوك الخاصة بالمحتالين والتعليقات التي تبين أنها تتبع لنفس الشخصيات المحتالة حاولت اقناعي بالمتاجرة.


وأضاف: "تحدثت مع صاحب الصفحة عبر الفيس بوك، وكلمته لاحقا عبر الواتساب، وقال لي إنه بإمكاني المتاجرة بأي مبلغ أريده، وهو ما دفعني لتحويل 100 دولار فقط عبر الحوالة السريعة، وبعدها بساعتين أرسل لي المحتال 200 دولار عبر نفس الحوالة، وهو ما زاد من ثقتي فيه".


ووفق كساب، فقد كان المحتال يهدف من ارساله للمبلغ بإعطاء الثقة الكاملة للضحية بأن يرسل مبالغ أكبر، وأكد لي أنه دولار مجمد ويمكنك صرفه في قطاع غزة بكل سهولة، "رغم أن الدولار المرسل لا علاقة له بالمجمد وهو حقيقي".


وأشار إلى أنه أرسل مبلغ 5 آلاف دولار بعد أيام فقط، على أن يرسل له المحتال الذي يدعي أن مقر اقامته في تركيا 10 آلاف دولار، إلا أنه أغلق حسابه على الواتساب والفيس بوك بعد ذلك.


ولفت كساب إلى أن طمعه في الحصول على الربح الكبير والسريع، دفع مقابله ما ادخره على مدار 7 سنوات.


أما المواطن خالد البنا والذي خسر ألفي دولار جراء عملية النصب، ذكر أن "المشاركين في عملية النصب استطاعوا خداعه على مدار شهرين دون أن يشك بهم، وكأنهم شبكة كبيرة مدربة جيدا".


وقال: "اتفقت معهم على ارسال حوالة ويسترن يونيون إلى جواز سفر تبين لاحقا أنه مزور، وأن أخفي آخر رقمين من الحوالة التي تتكون من 10 أرقام، وأن أظهِر الرقمين بعد استلام الحوالة منهم والتي من المفترض أن تكون 4 آلاف دولار".


وأضاف البنا: "بمجرد أن أرسلت الحوالة وانتظرت لاستقبال الحوالة لي، كان المحتال قد سحب الحوالة بعد أن عرِف الرقمين الأخيرين، حيث تبين لي لاحقا أن هناك من يعمل في مجال الصرافة ومتواطئ مع المحتالين، وفريق كامل يعمل محاولاته لمعرفة الرقمين في الخانتين (00-99).


ودعا المواطنين لعدم الاستجابة لمثل هذه الخداعات التي تُفقد المواطنين أموالهم، مؤكدا أنه لا وجود لـ "الدولار المجمد" وفي حال وجوده فإن البائع سيكون أول من يستفيد ويُصرّف أموالا بنفسه دون أن يخسر نصف المبلغ.


  خلط الحقيقة بالوهم


بدوره، أكد الأكاديمي والمختص في الشأن الاقتصادي محمد البحيصي أنه لا يوجد من الأساس شيء اسمه "دولار مجمد"، وما يحدث يعتبر عملية نصب متكاملة.


وقال البحيصي إن المحتال يلعب على فكرتين من أجل إيقاع المواطنين ضحية لعملية نصبهم وهما فكرة الثراء السريع بأن هذه الأموال ستجلب لهم الربح السريع والمضاعف، "فهو يوهمهم بأن الربح يكون 50% أو 60% من المبلغ المدفوع".


في حين تتمثل الفكرة الثانية وفق البحيصي في تشويش المعلومات وخلط الحقيقة بالوهم، "فالمحتال استغل حدث نهب البنوك في حرب الخليج الثانية في تسعينيات القرن الماضي، ليقنع المواطنين بأن القصة حقيقية ويوجد حاليا دولار مجمد".


وشدد على أن "الدولار المجمد" هو دولار حقيقي ولا يختلف عنه لذلك لا يوجد دولار مجمد وهي طريقة للنصب، ولكن يوجد دولار مزيف ويدعون أنه مجمد.


وبعد محاولات اقناع أحد الأشخاص –ويدعى أبو اياد- وهو أحد الذين كانوا يتاجرون في "الدولار المجمد" في وقت سابق، تحدث "للرسالة" دون ذكر اسمه، موضحا أن أشهر طرق النصب هي


الإعلانات على الفيس وتويتر وغيرها، فهناك حسابات وهمية تٌقنع المواطنين بالتعامل مع هذه العملة وأنها مصدر للكسب السريع، ومن الممكن أن يكون لدى المحتالين شركة حقيقية ولكن هدفها الرئيسي هو النصب والاحتيال".


وذكر أبو اياد أن هناك مكاتب حقيقية في بعض البلدان تعمل بهدف اقناع المواطنين بوجود الدولار المجمد، قائلا:" بقدوم المواطن للمكتب يتم على سبيل المثال تبديل 500 دولار حقيقية من المواطن الضحية بألف حقيقية أيضا من المحتال، ويبلغه أن هذا المال دولار مجمد حتى يعطيه الثقة بأن الشركة أو الشخص المحتال لديه دولار مجمد فعلا ويتاجر به، وهذا فخ في الثراء السريع".


وأضاف: "بعد أن يتأكد المواطن بأن الدولار المجمد –وهو دولار حقيقي ولكن المحتال يعطيه إياه على أساس أنه مجمد- يتم صرفه في مكاتب الصرافة، يرجع المواطن الضحية لتبديل مبالغ كبيرة وصلت في بعض الأحيان لثلاثين ألف دولار، وهنا يقع الضحية بتبديل الـ 30 ألف دولار بـ60 ألف دولار ولكن هذه المرة تكون أموال مزورة".


وأوضح أبو اياد أنه بمجرد تبديل العملة الحقيقية بالمزورة، تختفي الشركة من المكان الموجودة فيه وتنتقل للعمل في مكان آخر، خارج المدينة التي كانوا يتواجدون بها.


وأشار إلى أن عملية النصب وتبديل العملة تتم غالبا في ساعات المساء، حيث لا يوجد بنوك مفتوحة لكشف العملة المزورة، وهو ما يؤخر اكتشاف عملية النصب.


وحذر أبو اياد من الطريقة الأخرى التي يقع أغلب ضحاياها من قطاع غزة والضفة الغربية والتي تتمثل في اتصال من بنت مُحتالة، "وبعد أخذ الثقة من الشاب يتم أخذ الدولار منه على أساس أنها تتاجر بالدولار المجمد".


ولفت إلى أن الأمر يتم عبر الحوالة السريعة "ويسترن يونيون" وبمجرد أن يحول الضحية الأموال عبر الحوالة ويتم سحبها، يفقد الضحية الاتصال.


وقال أبو اياد: "على الضحية قبل الوقوع في هذا الفخ أن يتساءل، لماذا لم يذهب المحتال نفسه لصرف هذه الأموال دون بيعها بنصف السعر، والجميع يدرك بأن الصراف أو البنك يتعامل مع العملة بتصريفها دون النظر "للسيري نمبر" ولكن المحتال يعمل على استغلال الضحية وامتلاك نفسيته بالكامل".


وقال الاقتصادي البحيصي إن المشكلة الكبيرة تتمثل في أنه لا يمكن ملاحقة المحتال قانونيا، "فلا يمكنك الذهاب للدولة التي تم النصب عليك بها، لأنه لا يمكنك الاعتراف للشرطة بأنه تم النصب عليك لأنك اشتريت "دولار مجمد" لأن هذه الشكوى ستضعك في السجن لمدة 7 سنوات بتهمة المتاجرة في العملات غير المشروعة".


  تحذيرات متواصلة


من جهتها، حذرت شركة سمير حرز الله للصرافة المتعاملين من الوقوع ضحية لعملية نصب في "الدولار المجمد"، مؤكدةً أن هناك الكثير من المواطنين قدموا إلى الشركة الواقعة وسط مدينة غزة للاستفسار عن "الدولار المجمد" وتم اقناعهم بأنها عملية نصب وفشلت محاولة ايقاعهم وسرقة أموالهم.


وقالت الشركة: "بعض المحتالين يتواصلون مع الزبائن في غزة ويطلبون ارسال حوالة بقيمة معينة على أن يتم استرداد المبلغ مضاعفا ولكن في حقيقة الأمر لا يتم استرداد أي شيء لأنه كان ضحية لعمليه نصب واحتيال".


وأضافت الشركة: "أحيانا يطلب منك بدء التجربة بـ 50 دولارا ويردها لك ب 100 دولار ليثبت لك صحة ادعائه ومن ثم يطلب منك تحويل مبلغ كبير وللأسف تكون وقتها ضحية للنصاب المحترف".


في حين أكد الشيخ الدكتور إبراهيم شاشو حرمانية التعامل مع "الدولار المجمد" في حال وجوده، لأنها فاقدة للرصيد البنكي المركزي فهي أشبه بالدولارات المزورة أو المزيفة، كما أنه عند تبادل العملة بجنسها لابد من التساوي والتقابض في مجلس العقد.


وقال شاشو إن استغلال الدولار المجمد للاحتيال على المواطنين، طريقة محرمة، مشيرا إلى أن الحكم لا يختلف بين بلد وآخر، فالعملة واحدة.


وشدد على حرمانية تبديل العملة بنفسها مع فارق القيمة، "فاستبدال مئة دولار بمئتين حرام شرعا بغض النظر عن السبب".


وبعد أن فقد المواطن كساب ما يمتلكه من مال، لمجرد طمعه بالربح السريع، لا يزال مواطنون غير مقتنعين بأن هذه الطريقة عملية نصب واحتيال متكاملة وهو ما أكدته شركة حرز الله بأن "هناك مواطنون يستفسرون عن الدولار المجمد ونؤكد لهم بأنها طريقة نصب ولكن للأسف نعلم بعد ذلك بأنهم لم يقتنعوا بكلامنا ووقعوا ضحية وخسروا أموالهم".

الرسالة - نت

ليست هناك تعليقات